الخميس، 9 أبريل 2015

الطرف الثالث.. «١» .. «أحترس السرعة مراقبة بالرادار»



إنه أرث كبير من المعاناة يعلن عن نفسه دائما في حضورك أيها المواطن المرَاقب,تسير على الطريق مسرعا لا تتوخى أي حذر حتى يلوح لك في الأفق أن سرعتك تلك مراقبة بالرادار,هكذا جرت العادة على كل قاطنى الربوع العربية,لوحات أرشادية على الطرق و ما من أحد يبالى و بخاصة الفئة صغيرة السن ,شباب تمرد على كلايشهيات الماضى و أثّر أن يغمض عينيه عن أي لافتات أرشادية حملتها لهم الطرق الممهدة من الأجيال السابقة..

التاريخ هو الناقل الأمين للأحداث أو هكذا يصورونه لنا لنقبل كل ما هو معقول و لامعقول بحجةِ أن التاريخ دّونه و أرشدنا عنه بلافتات و كتابات نُقشت على الجدران و في الكتب دونما أن تسأل أيها المتغني بالإنتصارات و الممجد لمن منحهم السيد تاريخ شرف الزعامة, من دوّن تلك الإنتصارات و من أرشدنا عن الزعماء ؟,أو بالأحرّى السؤال يُكتب هكذا ,من يصنع التاريخ و يرفع لافتاته الإيضاحية الممهدة للطرق و المرشدة للمارين عبره بأن يتوخوا الحذر و يدركوا أن السرعة مراقبة بالرادار..؟!
في بلدِ كـ مصر يستطيع من أعتاد عبور الطرق السريعة أن يرى بوضوح تلك اللافتات الأرشادية التي عادة ما تنتهي بوحدة شرطة مرورية تعترض طريقك لتتمحص مدى إلتزامك بالإذعاّن لما حوّته تلك اللافتات,قد تمر الأمور بسلام إذا كنت من المواطنين الذين أدركوا أن خرقك لتلك الأوامر الإرشادية سيعرضك للغرامة و ربما الحبس على الرغم من علمك أن سيارات الشرطة التي تعترض طريقك لا تملك أجهزة كمبيوترذات تقنية جيدة تسمح لها بتسجيل و إيضاح الصور التي تلتقطها أجهزة الرادار المزمع وجودها بجنبات الطرق لتصير المسألة و كأنها عقد وهمي مكتوب بين المواطن الذي أقنع نفسه بوجود الرادار في الطرق و بين رجال الأكمنة المرورية المتوهمة سلفا بمهام الرقيب الذي يُقيّم القانون على الرغم من أن طرق مصر تحصد عشرات الأرواح يوميا ...!

ثمة حلقة مفقودة بين المواطن المقتنع بأن سرعته و مدى تقدمه مراقب بالرادار و بين رجل الشرطة المتربص له بنهاية الطريق حال إلتزامه أو عدم إلتزامه,من الذي يشرعن تواجد الرقيب و من يكتب فلسفة لوحاته الإرشادية بشكل يرهب العابرين للطرق..!
من المؤكد أن الحلقة المفقودة هي تلك التي تبتعد عن طرفي الخيط المواطن و الرقيب ,هي تلك التي تقبع في المسافة التي تصل بينهم,تشغل كل الفراغ المتصل بينهم, تتنوع تشكيلاتها و يختلف القائمين عليها بإختلاف المهام الموكلة إليهم ,هي ذاتها التي تمتلك الأدوات الإعلامية التي تسيطر على الطريق الموصل للرقيب فتارة تصيغ اللافتات بشكل يرهب المارة و بفلسفة الفزاعة التي ستلاحقك إن لم تقض عليها و تارة تصيغها بالترغيب و عبارات الشحن العاطفي و اللعب على وتر التذكيربأن مصلحة الوطن تكمن في خضوعك لما تمليه عليك لوحاتنا الإرشادية..!

و في حال إن كنت من المواطنين الذين يرفضون الإنصياع لما شرعنه عليك من يتحكم في حركتك و سرعتها ستصير لا محال في صف المغضوب عليهم و ستلاحقك أجهزة الرادار الوهمية و ستسجل لك أجهزة الحاسوب المتهالكة صورا عديدة تجَرمك و تودي بك إلى حيث يقبع كل من تسّول له نفسه أن يكشف الغطاء عن النظام الذي يحركك أنت و الرقيب القابع بسيارة الشرطة ,ستُصادر مركبتك التي تقودها و ستحاكم بتهمة إرهاب المارة....!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق