الخميس، 9 أبريل 2015

بـــــلاد الواق الواق..


إنها الديباجة أيها السادة القراء...! 
كيف تصوغ مقال اجتماعي ولا تضطر مرغماً أن تغرق في الواقع السياسي للشرائح الاجتماعية التي تقرر الكتابة عنها وصياغة تفاصيل تركيباتها الاجتماعية؟
حتما هنا موقفك لا تحسد عليه. فالواقع السياسي سيدفع القارئ إلى التأفف والنأي بعيداً لمطالعة مقال آخر يبحث فيه عن واقع آخر سعيد ..!
وهنا تأتيك حالة من التمرد على الكتابة بالشكل الكلاسيكي من توليفة اعتادها القارئ، يصوغها الكاتب لمجموعة من الناس يفرض عليهم الواقع السياسي والمشاكل التي يواجهونها أن يسلكوا شكل اجتماعي مستهلك كتابياً, أناس لا يحيون في واقع سعيد، ولا حياة تحفظ لهم كرامتهم، ويعكسون تعاستهم في شكل اجتماعي ساخر, أو شكل اجتماعي يحده إطار بائس كتابيا... إطار ساخر يسخرون فيه من هذا الواقع، تارة بالنكات وتارة باللامبالاة، وهذا مكون أساسي لرسامي الكاريكاتير والكُتّاب الساخرين... وإطار آخر بائس يخلط فيه الكاتب بين تذمره وعجزه عن مواجهة واقعه، وبين أحداث مأساوية للفصيل الاجتماعي مثار الكتابة... وهذا الإطار التراجيدي على وجه الخصوص يشكل لدى فئة عريضة من الكُتّاب مجالا خصباً للتناول وهنا تصبح العينة الاجتماعية الممثلة في المواطن البسيط سلعة استهلاكية يتداولها الكُتّاب بكافة شرائحهم... الكل يتاجر, بعضهم يظهر برداء المرتزقة وكأن المتاجرة بمشاكل الناس مهنة وحرفة فلا يهمهم كثيرا أن يساعدوهم بقدر ما يهمهم كثيرا الحصول على المجد الصحفي، ولا يهمهم الغرض الذي يكتبون من أجله ولكن يهمهم الأجر الذي يدفع لهم. فليس لهم من أنفسهم دافع الانتصار للحق والوقوف بجانب هذا المواطن المكلوم, فما صاح صائحاً إلا وله من صيحته مآرب, فضلاً عن موجة التسفيه التي ظهرت مؤخراً في الكتابة، وظهور نمط لغوي يعتمد على التسفيه والابتذال اللغوي في الاعتماد على لغة يتداولها بعض الشباب والمهتمين منهم بالحراك السياسي والاجتماعي. فإذا كنا نعتبر اللغة هي الوجه الثقافي الأساسي الدال على هوية الفرد وهوية المجتمع، ناهيك عن كونها أداة الاتصال الأساسية بين أفراد المجتمع، فأي نتيجة تلك التي ستأتي بالفائدة على القارئ الذي انحدرنا به لهذا المستنقع؟ 
وربما كان لجوء بعض هؤلاء الكُتّاب إلي استخدام لغة إعلامية منحدرة، كتلك التي يستخدمونها في مناقشتهم الساخرة، هي أكثر ما يسئ للقارئ. فالتناول السيئ يسخف من أهمية المقال وخصوصا إذا كنا بصدد سرد مشاكل فصيل اجتماعي معين. و الحكيم الصيني كونفوشيوس يقول: "من السهل إصلاح الناس إذا صلُحت اللغة التي يستخدمها الناس". فما بالكم إذا كانت اللغة المستخدمة لطرح المشكلة على هذا المنوال ..! 
وقد لا نستطيع أن ننكر أنه بعد ثورة 25 يناير وظهور بعض النُخب الشبابية التي ظهرت علي مسرح الثورة واستخدمت لغة دارجة في مقالاتها التي ما لبثت الصحف بالاندفاع في نشرها دون تمعن فكان هذا مسلكاً آخر جديد في الكتابة عن مشاكل المجتمع التي تزيد الأمر وبالا ولا تساهم بأي قدر في طرح مشاكله و محاولة إيجاد حلول لها بل ترسخ لنهج تجاري بحت قائم على أرقام توزيع الجريدة و عدد متابعيها..! و الشهرة التي سيحظى بها الكاتب في أوساط القراء ..!
ليظل المواطن على حالة الإستجداء التي ينشدها من كل النُخب التي نصبت نفسها ولياً و قائم بالأمر على تغيير واقعه المزري لواقع أخر سعيد..! 
لتضيع أحلامه بين ترهات متاجري السعادة,أو يبحث عنها في بلاد الواق الواق حيث السعادة التي تلوح في أفقِ لا يراه إلا بمخيلته,السؤال المطروح أرضا الأن هو,تُرى أين بلاد الواق الواق حيث هذا الأفق السعيد..؟! و كيف لها من سبيل..؟
مساكين مواطني هذا البلد اولئك من يكتفون بالمسكنات التي يعطيها لهم باعة الأمل..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق