الخميس، 10 أكتوبر 2013

أين أختفي الآزهر ؟


 أين أختفي دور عالم الآزهر في الحركة الثورية؟ أين أختفى رجل الدين و العلم  الذي  يخاف في الله لومة لائم؟ أين كل من أعتبر و أقتدى بمن صدح بالحق في باحات جامع الآزهر علي مر السنين؟ ..لماذا صار هناك هوةٍ كبيرة بين علماء الأزهر و بين طلابه من جهة و بينهم و بين الأغلبية الثورية من جهة أخرى؟ هل  أستطاعت الدولة الآمنية التي أحكمت سياطها إبان عصر دكتاتورية مبارك أن تخرس الآفواه وتكمم كل الألسنة التي لم ترتضي بألا تعلو كلمة الحق في البلاد.. بعد وأد كل أشكال التظاهرات التي كانت تخرج في التسعينات وأوائل الآلفية الثانية فلا يكون هناك مكان لطالب العلم الآزهري في الحراك السياسي ,,!.كل هذه التساؤلات أصبحت في حاجة ملحة لإجابة شافية من ولاة أمورالأزهر الشريف من علماء و أساتذة  ينبرون ليل نهار في ترديد نغمة بأن الأزهر منارة مسلمي الأمة و أن على الجمع أن يتخذ من أراء علمائه و فتواه منهاجاً صحيحاً للحياة.

هل صارلنا أن نقبل بأن حال الأزهر بما كان يمثله من قوة فكرية و دعامة قوية صار إلى ما حيث تم إنشاؤه ب "سيف المعز و ذهبه",,! لكن كل  الظروف التي تلت واقعة سيف المعز ذو البطش و ذهبه  أكدت أن الأزهر كان هو الذراع الأقوى لقيام الثورات و مباركتها و الوقوف إلى جوار مطالب الشعب المصري ,فقد حفر الشيخ عبدالله الشرقاوي الذي قد شغل منصب شيخ الأزهر إبان أواخر حكم المماليك في الأذهان هذا التوجه  بل و أسس لذلك النهج القويم بدءا من حادث بلبيس حينما أعتدى بعض أمراء المماليك على بعض الفلاحين بقرية بلبيس فقاموا بتقديم شكوى لشيخ الأزهر لرفع الظلم عنهم فما كان من الشيخ عبدالله الشرقاوي الذي أثار حنقه ما حدث إلا أن قام بجمع المشايخ، وأغلق أبواب الجامع، وأمر الناس بترك المتاجر، لتحتشد الجموع الغاضبة فيرسل لهم  إبراهيم بك شيخ البلد أيوب بك الدفتردار، ليسألهم عن أمرهم. فقالوا: نريد العدل ورفع الظلم والجور وإقامة الشرع وقتها خشي زعيم الأمراء مغبة الثورة فأرسل إلى علماء الأزهر يبرئ نفسه من تبعة الظلم، ويلقيها على كاهل شريكه مراد بك. وأرسل في الوقت نفسه إلى مراد يحذره عاقبة الثورة، فاستسلم مراد بك ورد ما اغتصبه من أموال، وأرضي نفوس المظلومين فأكتسب الأزهر بتلك الفعلة مكانة كبيرة لدى المصريين و صار ملجأ لشكواهم و ملاذ لكل من جور عليه أمراء المماليك,,حتى جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر التي أدركت منذ مجيئها شأن الأزهر و مكانته العظيمة لدى المصريين و لم تستطع إستمالة علماؤه فكانت ثورة القاهرة الأولى من داخل الجامع الأزهر لربوع مصر كافة فثورة القاهرة الثانية فمقتل كلبيبر على يد الطالب الأزهري سليمان الحلبي إنتقاماً لتدنيس الفرنسيون لباحات الجامع الأزهر,,,كل هذا التاريخ ظل شاهداً على قيمة الأزهر و مزكياً  لمكانته المعنوية في نفوس المصريين حتى في التاريخ الحديث إبان الثورة العرابية و ثورة 1919 كان نواة الحراك الثوري علماء و طلاب الجامع الأزهر ,,,حتى أتت النقطة الفاصلة في تاريخ الأزهر كله بعد أن قامت مجموعة من ضباط الجيش أسمت نفسها بالضباط الأحرار بعمل إنقلاب على الملكية و إعلان الجمهورية بعد مباركة الشعب المصري لهم فيما أسموه بثورة 23 يوليو فكان من أهم ما قام به الرئيس جمال عبد الناصر أن أحال الجامع الأزهر إلى مؤسسة حكومية فوضعت الدولة من وقتها يدها على مؤسسة الأزهر حتى  صدر في عام 1961 قانون يلزم رئاسة الجمهورية وحدها بإختيار  شيخ الأزهر و رئيس جامعته فدخل الأزهربصفته مؤسسة حكومية شريكاً في تزكية النظام الحاكم ليفتي في صالح عبد الناصر في صراعه مع محمد نجيب و جماعة الإخوان و بعدها في عهد السادات مزكياً لمعاهدة كامب ديفيد و مباركاً لها بل و داعيا للشعب المصري للقبول بها,حتى جاء عصر مبارك الذي توسدت فيه الدولة الأمنية مقاليد الحكم فكان الأزهر هو الشريك المبارك لكل قرارات الدولة ,حتى إنه الشيخ السابق الراحل محمد سيد طنطاوي لم يرى أي غضاضة من مصافحة شيمون بريز و لم يلتفت لكل المظاهرات الطلابية التي قام بها طلبة الأزهر طيلة فترة رئاسته ففي عهده دخل الأمن باحات الجامع الأزهر و أعتقل و اعتدى على الطلاب المتذمرين من سياسات الدولة ,,و بعد رحيل طنطاوي كان الوجه الأقرب للتعيين هو عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الشيخ أحمد الطيب الذي وقع إختيار مبارك عليه ليخلف نظيره الشيخ سيد طنطاوي ,,الذي تبارى وقتها في توضيح إنه لا مانع من أن يجمع بين منصبي شيخ الأزهر و عضوية لجنة السياسات ممسكاً بذريعة أن لا تعارض بين المنصبين و بالطبع هو محق فكلاهما يدخل في نطاق النخبة الحاكمة,,! لكن بعد أن كثرت الأقاويل أضطر لترك منصبه في لجنة سياسات الحزب الوطني و الإكتفاء بمنصب شيخ الأزهر ,,حتى جاءت ثورة 25 يناير التي شهدت خلالها مشاركة حشود من طلبة الأزهر و كثير من أساتذته في حين تناقض شيخ الأزهر من موقف طلابه و أيد بقاء النظام بل و حث  الثوار على الجلوس على مائدة الحوار مع النظام  بل ذهب الشيخ أحمد الطيب إلى ما عدا ذلك بعد أن صرح بعد خطاب مبارك الثاني بأن" التظاهر في ميدان التحرير حرام شرعاً "..! على الرغم أن جموع الشعب المصري التي ثارت بكل شوارع مصر كان تتظاهر في وجة الدولة الإستبدادية و الفساد الإقتصادي و السياسي لكن شيخ الأزهر سخر فتواه في خدمة النظام الحاكم ليخالف بذلك التاريخ الوطني الذي سطره شيوخ أجلاء تبوأوا نفس مكانته و نصروا إراداة الشعب لا إرادة الحاكم ,,,حتى بعد أن توالت الأحداث على تاريخ تلك الفتوى الشهيرة للشيخ أحمد الطيب  و رحيل مبارك عن سدة الحكم و الحراك الذي تلى ثورة 25 يناير حتى إنقلاب العسكر بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو 2013 كان لشيخ الأزهر مرة أخرى دور في مباركة الإنقلاب بل و مباركة التظاهر قبلها ضد حاكم لم يكمل عامه الأول في منصبه مناقضا بذلك فتواه السابقة ,,, فتكثر المجازر و تسفك الدماء من قادة الإنقلاب ضد رافضيه من الشعب و لا نسمع لشيخنا أى تصريح و لا تنديد لحرمة تلك الدماء لازماً الصمت ,,ليدفعنا لكي نبحث عن إجابة لسؤالنا المثار "أين أختفى الأزهر؟" و أين أختفى العَّاِلم الذي  لا يخاف في الله لومة لائم" من المسئول ,الدولة أم العلماء الذين خافوا من بطش سيف المعز و تنعموا بذهبه أم من الذي يعمد على تهميش مكانة الأزهر و دوره في الوعي الوطني و نصرة الشعب,,!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق